الصّوم والصّدقة أبلغ وأعظم في تكفير الخطايا واتّقاء جهنّم لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''الصّدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النّار''، والصّوم مطهرة للذّنوب ومحرقة لها، إذ أنّ من معاني اسم رمضان، أنّه يرمض الذنوب والخطايا أي يحرقها.
قال الله سبحانه وتعالى: ''الّذين يُنْفِقون أموالَهُم باللّيل والنّهار سِرًّا وعلانية فلهم أجرهم عند ربِّهم ولا خوف عليهم ولا هُم يحزنون''. وقال الله تعالى: ''آمِنوا بالله ورسولِه وأنفقوا ممّا جعلكم مُستخلَفِين فيه فالّذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجرٌ كبير'' وقال تعالى: ''مَن ذا الّذي يُقرِض الله قرضًا حسنًا فيُضاعفه له وله أجر كريم'' وفي سورة البقرة ''فَيُضاعفه له أضعافًا كثيرة''.
وورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في فضل الصّدقة أحاديث كثيرة. ففي سنن الترمذي قال صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّ الله يأخذ الصّدقة بيمينه فَيُربِّيها لأحدكم كما يُرَبِّي أحدكم مهره حتّى إن اللقمة لتصير مثل أحد''، ''الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النّار''، وفي سنن ابن ماجه عن جابر بن عبد اللهِ قال: خطبَنا رسول اللَّه صلَّى اللَّهُ عليه وسلّم فقَال: ''يا أيّها النّاس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا وبادِروا بالأعمال الصّالحة قبل أن تُشْغَلُوا وَصِلُوا الّذي بينكم وبين ربّكم بكثرة ذِكرُكم له وكثرة الصّدقة في السّرّ والعلانية تُرزقوا وتُنصروا وتُجبروا''.
قال الإمام الماوردي: يختار للنّاس أن يكثروا من الجود والإفضال في شهر رمضان اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وبالسّلف الصّالح من بعده، ولأنّه شهر شريف قد اشتغل النّاس فيه بصومهم عن طلب مكاسبهم، ويستحب للرجل أن يوسع فيه على عياله ويحسن إلى ذوي أرحامه وجيرانه، لاسيما في العشر الأواخر منه، ويستحب لمَن أمكنه إفطار صائم أن يفطره، فقد روي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''مَن أفطر صائمًا كان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجره شيئًا''.
وقال الإمام الشافعي: ''وأحبّ للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء به ولحاجة النّاس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم بالصّوم والصّلاة عن مكاسبهم).
فالصّدقة في السّرّ تقي مصارع السّوء، وتطفئ غضب الربّ، ففي الحديث الّذي رواه الترمذي قال صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّ الصّدقة لتطفئ غضب الربّ وتدفع عن ميتة السّوء''. والمال الّذي يتصدّق منه ينمو ويزيد، ويقيه الله من الآفات، ويُبارك فيه، وفي الحديث القدسي أنّ الله تعالى يقول: ''يا ابن آدم أنْفِق يُنْفَق عليك''، وقال عليه الصّلاة والسّلام: ''ما طلعت الشّمس إلاّ وعلى جنبيها ملكان يقول أحدهما: اللّهمّ أعطِ منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللّهمّ أعطِ ممسكاً تلفاً''. ولا شك أنّ دعاء الملائكة مستجاب.
والصّدقة تحول بين العبد وبين ما قد ينزل من البلايا، فقد ورد أنّ البلاء حين ينزل، فتتلقاه الصّدقة فيتعالجان إلى يوم القيامة.