خاطرة

أصابع اللبلاب


ـ يا رعيل بلغ سيل الظلم به رعله ، وغمرت مياهه الزخمة قمم الصبر، لم يتأوه من الحمل شاهد ولا مشهود .. صادقون نحن وأنت عنيد ، أزلت عنا ولا زلنا مدينين لك وعبيدا ..
ـ كيف نصدق ما يروي عنك كل عام فاتح ما قبل الأخير من أشواط طواف الحول ، والهيدب يفشي الهيضة في الربوع ، وقمامة المنهرة تطفو على سطح الغدير البلوري ، تزينه الوخاش عوض الزهر والنيلوفر
ـ يا منبع الجبال الشامخات الشاهقات ، هل طمرتك المصارف المتعفنة ورسبت النازلات في المستنقعات ، وأصابت الماحقات عقد الوفاء ؟ أين ثمن الفداء ؟ كيف قسم الغدر ظهور الأوفياء ؟ وسقط العهد ، وانحل العقد ووهن العزم ، وقتلت المنشبة حب الأرض وبراعم الحياة ؟
ـ يا روح في الأعماق وئدت بداخلها بقايا كل أصيل ، تبتسم بغباوة لبدوتي مزفران والتافنة المتوجتين بالعناب والعوسج الهامج ، ننتظر من الحق أن ينبت على ضفتيها طفيليا ، والزهر في الشجر الطيب يؤتي أكله من رياض الصدق لا غير .
ـ نبذتم ، فنبت السدر من جديد على طريق الوصل بالكرامة ، تدوسه أقدام التضحية حافية ، طلبا للعزة والخلود .. ، زينتم دروب الظلم بألوان كل خبيث ، وعطرتموه بمرارة الكافور وطال عمر الشقاء وهو قصير .
ـ نور المهجنة ظلام ، هكذا كان دائما .
وسعادتها عتو في حضن جوهرها ، مزيفة يغذيها الهميم الهرهار تحت الأقنعة ، يستمد من الباطل قوته وهو ضعيف يهاضينا ، هانت ، كأنها دون مقابل نزلت ، وركعتنا الأذيال للشرق والغرب ، لغير وجه الله دموعنا في عيون الأبطال مذلة ، وساد باطل في زمانه أخفى معالم الفداء ، وجرد للفتن سيوفها ، وأغمد نصل الحق في قلوب البراءة جورا وأدبر الوفاق الذي جمعته عبادة الأرض من السماء .
يا بذور الحق في تلك الصناديق المجصصة شقي الفسيفساء وأخرجي قبضة تعتصر المناتح خلاصة الحبر الذي سقاك ، والعرق يكسونا ، نروي بها ضمأ الفسائل وعباد شمس الهجانة والعز ..
لقد أخفق الباقون ومن ينتظر وبدلوا تبديلا ، والتفت أصابع لبلاب السلف حول أعناق الخلف ... فادركينا .. فادركينا .. فادركينا ..

مختار سعيدي

حريتنا في الحلم بركان ... لا يعرف أحد متى يثور... هكذا نمارس الكتابة ...