تعليم عصي على التغيير

تعاقب على تعليمنا قيادات عليا مختلفة، لكل منها منهجه ومدرسته الخاصة في إدارته للتعليم، ومع ذلك بقي تعليمنا في المجمل ثابتا لا يتغير وكأنه أبو الهول، وبالمثل تعاقبت على تعليمنا فترات من الشح المالي وفترات أخرى من الرخاء والوفرة، وفي كل الأحوال بقي تعليمنا يراوح مكانه. ومر على تعليمنا زمن كنا نعيش فيه في عزلة ثقافية حضارية عما يحصل في العالم، ثم مر علينا زمن آخر تعمق فيه اتصالنا بالعالم عن طريق الابتعاث وغيره، ولم يتغير شيء في تعليمنا.

يبدو لي أن هناك قوى تعاكس أي قوى تحاول دفع تعليمنا إلى الأمام.

القوى التي تحاول دفع التعليم إلى الأمام هي قوى تنويرية تعرف مكامن الخلل في تعليمنا وتريد الاستفادة من كل التجارب العالمية الناجحة، ولديها في هذا الشأن هامش مرونة واسع، إلا أنها لا تزال ضعيفة الأثر.

أما القوى التي تحد من انطلاقة التعليم فهي غالبا قوى مؤدلجة تتوجس خيفة من تجارب الغرب، وترى في أي محاولة لتطوير المناهج اعتداء على هويتها وثقافتها، وبجانب القوى المؤدلجة هناك القوى البيروقراطية المتكلسة التي تكاد تقدس نظم ولوائح أكل عليها الدهر وشرب.

الذي سوف يحسم الخلاف بين هاتين القوتين المتعاكستين هي القوة السياسية التي لا بد أنها ترى في التعليم تحرير لعقل المواطن من الخرافات، وإطلاق لقوى الإبداع والابتكار لديه في مناخ يحترم فرديته وحريته المسؤولة.

د.عبد العزيز العمر