صالح الشيحي والمعلّم!

اثنان لا يمكن أن يرضى عنهما حبيبنا صالح الشيحي بسهولة: المعلّم ومحافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والتعليم المهني الدكتور علي الغفيص!

ورغم أنّ حبيبنا صالح يكتب بشكل يومي في صحيفة الوطن السعودية، وله كتابات جميلة، وإن بدت بعضها غريبة في بعض الأحايين! وهذا أمر طبيعيّ لكاتب يومي يضطر للكتابة في كلّ شيء، وعن كلّ شيء! إلاّ أنّ قسوة حبيبنا صالح على المعلّم بدت غير مبرّرة، إذا علمنا أنّ صالحاً ذاته كان أحدنا، ولديه من المنجزات التربوية والتعليمية ما يجعله فخوراً بالمهنة وبنفسه! وإلاّ لما كان صالح الكاتب البارع، والرّجل الاعتباري الذي يكبر بزمالاته لكبار شخصيات الوطن، وبتاريخ يجعله يحمل هذه الثقة في نفسه وفي أدائه!

أخونا صالح الشيحي كتب في أكثر من مقال عن المعلّم قادحاً له، ومنتقداً تصرّفه، وتقصيره، وهذا حقّه باعتباره وليّ أمر، ومواطناً صالحاً يسعى إلى أن يكون المعلّم قدوة الطالب، ووجهة وليّ الأمر! لكنّ سطوة أخينا صالح تجاوزت النقد المتزن إلى التجريح والتشكيك والإلغاء، نتيجة خبر أو خبرين أو عشرة أخبار تُنشر في عام لأكثر من مائتين وعشرين ألف معلّم تقريباً على مستوى الوطن!

فهل يُعقل أن تكون هذه الصورة النمطيّة هي التي أراد أخونا صالح أن تنتشر، وتُحفظ في ذاكرة طالب عاجز، أو وليّ أمر غير متعاون، أو متحاملين على المعلّمين، وما أكثرهم؟!

لن أقول إنّ أخانا صالح نسي المعلّم المجتهد ونشاطه، والمربي الفاضل وجهده، والأب المثابر ودوره؛ فهذا واضح ولا يحتاج إلى دليل! لكنني أستطيع القول إنّ أخانا صالح انتصر لصديقه في لحظة عاطفة، لكنّه أساء إلى زملاء مهنة سابقين، ومعلمين فضلاء، وأناس كثيرين في التربية والتعليم أعطوا الكثير من جهدهم ومالهم وراحة بالهم، ولم يأخذوا مقابل ذلك غير حبّ مهنة، ووفاء طالب، وجحود مجتمع لا يرحم!

لكنني بالمقابل أكاد أجزم بأنّ أخانا صالح الشيحي لا يمكن أن يلغي ـ وإن كبر ـ من ذاكرته جهود أساتذة فضلاء كان فضلهم عليه كبيراً، وجهدهم معه مضاعفاً، وبصماتهم عليه واضحة! كما أنّه لا يمكن أن يسحب الفضل من مُعلّم ابنه الذي ربما احتفظ له في ذاكرته بشيء من الوفاء نظير فعل حسن أو تعليم جيّد، أو مواقف تربوية وتعليمية لا تُنسى!

من حقّ أخينا صالح أن يكتب عن المعلمين الذين يؤذون طلابهم، لكنني أناشد أخانا صالح أن يكتب بالحرقة ذاتها عن الطلاب الذين يؤذون معلّميهم! لأنّه بهذا ينتصر في عدله هذا لقيم تربوية تضيع إن نحن سكتنا عن جهد، وكتبنا عن تقصير  بإسراف شديد، ومبالغة كبيرة، وتجاوزنا في نقد بعض التجاوزات غير المألوفة في مجتمع يفترض أن تبقى للمعلّم فيه مكانة!

لست مع أن يضرب المعلّم طلابه، ولا مع أن يتعامل معهم بقسوة، ولا مع أن يتحوّل المعلّم مع الغضب إلى منتقم لنفسه، ومعاند لمهنته، لكنني مع المنادين بأن يُنصَف المعلّم، وتحفظ له مكانته، وتعاد له قيمته، وأعتقد أنّ أيّ كاتب وإن بعد عن المهنة لا يستطيع أن يتجاوز بذاكرته فضل معلّم كان له ذات يوم بمثابة الشمعة التي أضاءت له الدّرب!

فاصلة أخيرة: إذا كان أخونا صالح الشيحي يؤمن بأنّ الضرب لم يكن يوماً ما وسيلة للتهذيب، وأنا أكاد أجزم بأنني ما حملتُ العصا طوال عشرين عاماً من عملي في التعليم، إلاّ أنني أصدّق قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الحديث الشريف “مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ”، فهل الضرب هنا من أجل التهذيب أم من أجل شيء آخر؟!

نقلا عن صحيفة سبق

علي فايع الألمعي
[email protected]