زحفت قوات المعارضة المتمركزة في غرب ليبيا شمالا نحو بلدة الزاوية بالقرب من ساحل البحر المتوسط ، أمس (الخميس) في محاولة للوصول إلى نقطة تقع في نطاق مرمى أسلحتهم للعاصمة طرابلس.
وبالوصول إلى منطقة بئر شعيب صاروا يبعدون 25 كيلومترا عن الزاوية وهي بلدة تقع على مسافة تقل عن 50 كيلومترا من طرابلس معقل القذافي. وقال مقاتل من المعارضة اسمه فارس: “تقدمنا عبر قرية ناصر وفي الوقت الراهن نحن على بعد نحو 25 كيلومترا من الزاوية”. والمعارضون في الجبل الغربي لا يعملون كقوة واحدة لأن كل بلدة أو قرية لها قيادتها الخاصة بها. لكن عندما يجتمعون معا للقيام بعمليات كبيرة يمكنهم حشد قوة تضم بضعة الآلاف من المقاتلين. ويدعم صفوفهم رجال انتقلوا عبر خط الجبهة من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة للانضمام إليهم وأجانب أيضا لهم جذور ليبية.
وقوات المعارضة غير مدربة جيدا وتفتقر إلى الأسلحة الثقيلة رغم شحنة أسلحة فرنسية تم إسقاطها من الجو في وقت سابق هذا العام ولا يعتقد معظم المحللين أنهم قادرون على السيطرة على طرابلس. وهدفهم الفوري هو الزاوية التي ثارت مرتين ضد حكم القذافي منذ شباط (فبراير) الماضي.
ومعركة الغرب واحدة من ثلاث جبهات كبيرة منفصلة للمعارضة ضد قوات القذافي. وفي الشرق حول مينائي مصراتة والبريقة تعثر القتال في الأسابيع الأخيرة بينما تقدم مقاتلو المعارضة في الغرب. وقال متحدث باسم المعارضة إن مقاتلي المعارضة اشتبكوا مع القوات الموالية للقذافي في البريقة التي توجد فيها مصفاة نفط ومرفأ رئيسي لتصدير النفط ويأملون في تأمين المنطقة بسرعة.
وقال متحدث يدعى محمد الزواوي كان يتوقع تحقيق انفراجة خلال بضعة أيام: “يوجد اشتباك في منطقة البريقة السكنية في الوقت الراهن. نقوم بتطهيرها ونأمل في أن ننتهي من ذلك قريبا” ويشتبك الجانبان منذ عدة أشهر بشأن البريقة التي تبعد 750 كيلومترا إلى الشرق من طرابلس. وقال الزواوي “معظم قوات القذافي لاذت بالفرار، كما أن معظم المدنيين فروا أيضا”. وفي وقت لاحق من أمس قال متحدث باسم المعارضة الليبية المسلحة، إن مقاتلي المعارضة استولوا على أحياء سكنية في البريقة لكن الجنود المؤيدين لمعمر القذافي ما زالوا يسيطرون على الأجزاء الغربية من البلدة حيث توجد المنشآت النفطية.
وقال المتحدث موسى محمود المغربي إن الجزء الشرقي من المدينة تحرر وأصبح تحت سيطرة المعارضة الآن. وأضاف: “إن مقاتلي المعارضة استولوا أيضا على منطقة إلى الجنوب من البريقة رغم أن الاشتباكات لا تزال جارية ضد نحو 100 من جنود القذافي في غرب المدينة. ويرى المعارضون أن تأمين البلدة يعد نقطة تحول في الحرب المستمرة منذ نحو ستة أشهر ويأملون في استئناف صادرات النفط من هناك في أسرع وقت ممكن. وتبعد المنطقة السكنية حيث يجري القتال نحو 15 كيلومترا إلى الشرق من المرفأ النفطي والميناء البحري. وفي الغرب قال الدكتور نوري الفاسي، إن مقاتلا لقي حتفه وإن أربعة أصيبوا بجروح أمس (الخميس) خلال تقدم قوات المعارضة. وتحركت عشرات الشاحنات المحملة بالمقاتلين إلى موقع انطلاق على بعد بضعة كيلومترات من خط الجبهة.
وشوهدت أدلة على المساعدة التي تقدمها الغارات الجوية لحلف شمال الأطلسي في قرية شلغودة التي تقع على طريق تقدم المعارضين. وتوجد علامات على وقوع قتال حديث وانهارت بناية كبيرة بعد أن أصابتها قنابل أو صواريخ فيما يبدو في غارات حلف شمال الأطلسي. وشوهدت خيمة خضراء وزي عسكري أخضر على الأرض بين أنقاض الخرسانة وهو لون القوات الحكومية التابعة للقذافي. وقال معارضون إنهم سيطروا على قرية ناصر، حيث كان يوجد تركيز للقوات الموالية للقذافي.
وعند طرف قرية بئر الغنم جنوب خط الجبهة تقدم مقاتلون من المعارضة في شاحنات وهم يكبرون ويرردون “النصر في قرية ناصر”. وعند نقطة تفتيش قريبة لعب معارضون شبان كرة القدم وقالوا إنهم سعداء لأنهم يتوقعون النصر قريبا. والزاوية التي يستهدفونها هي مسقط رأس العديد من المعارضين الذين يتقدمون شمالا نحو الطريق السريع الموازي لشاطيء البحر المتوسط المؤدي إلى قلب طرابلس. ومن مصراتة وهي مدينة ساحلية تقع إلى الشرق من العاصمة وتسيطر عليها قوات مناهضة للقذافي وردت تقارير غير مؤكدة عن تقدم المعارضة لكسر الحصار الجزئي الذي تفرضه قوات القذافي التي تتقدم جنوبا في اتجاه تاورغاء. وقال مصدر غير رسمي في مصراتة “إن اثنين من المعارضين قتلا وأصيب أكثر من عشرة”. من جهة ثانية قال مصدر حكومي بريطاني، أمس إن دبلوماسيين ليبيين حاولوا بيع أصول سفارتهم في لندن بأقل الأسعار بما فيها السيارات قبل أن تطردهم الحكومة البريطانية. وقال مسؤول بريطاني رفيع المستوى إن دبلوماسيين في عدد من السفارات الليبية الأخرى طلب منهم بيع أصول السفارات بأقل الأسعار لجمع أموال لنظام معمر القذافي الذي “يعاني ضائقة مالية”.
وذكر المسؤول أن القذافي “اليائس” حاول تأمين الوقود لقواته المسلحة، مشيرا إلى أن الوضع يمكن أن يصل إلى “نقطة اللاعودة” في وقت قريب. وأعلنت بريطانيا الشهر الماضي أنها تعترف بأن المجلس الوطني الانتقالي هو الممثل الشرعي الوحيد في ليبيا وأنها ستطرد الدبلوماسيين المتبقين. وقال المسؤول البريطاني إن مبعوثي القذافي حاولوا بيع السيارات و “أي شيء يمكن نقله” في السفارة الواقعة في منطقة نايتسبريدج غرب لندن قبل أن يعيد المجلس الوطني الانتقالي فتحها الثلاثاء. مشيرا إلى أنه من غير المعروف كم من الأصول باعوا وكمية الأموال وما إذا كانت قد أرسلت إلى طرابلس. وأضاف أن الضغوط بدأت في جميع أنحاء المنطقة على الدبلوماسيين الليبيين ولذا قاموا ببيع الأصول مع خفض أسعارها لإرسالها إلى نظام القذافي في ليبيا. وأشار إلى أن قوات الثوار الليبية “نجحت في قطع بعض الإمدادات النفطية التي يتم تحويلها إلى قوات القذافي في الجبهة”. واعترف المسؤول بأن التقدم في الحملة التي يقودها حلف شمال الأطلسي العسكرية ضد القذافي وبدأت في مارس (مارس) الماضي لم تكن “سريعة كما كنا نرغب”. وقال إن مقتل القائد العسكري للثوار عبد الفتاح يونس كان “صدمة” ويمثل “تحديا كبيرا”.
يذكر أن المجلس الوطني الانتقالي أكمل تحقيقا داخليا لمعرفة أسباب مقتل يونس وستعلن نتائجه قريبا. وقال المسؤول البريطاني إن تحركات المجلس الوطني الانتقالي هذا الأسبوع لإقالة لجنتها التنفيذية “يمثل فرصة” مشيرا إلى أن المجلس حقق كثيرا من النجاحات.