مدارس «حكومية» تستفز المارة بتعريف «رجولة الرجل» بـ «عباءة أهله»

شبكة معلمي ومعلمات المملكة – متابعات : ​استفزت لوحة وضعتها إحدى مدارس البنات في مدينة الخبر الكثيرين، فهي قدمت تعريفاً جديداً لـ «الرجولة» معياره «العباءة». وجاء في اللوحة التي احتلت واجهة مبنى المدرسة منذ فترة: «تُعرف رجولة الرجل من عباءة أهله ومن لا يقدر على ستر أهله لا يستطيع القيام بذلك أمام أفراد المجتمع».
واعتبر بعض من رأوا اللوحة أن المدرسة «تنتهج أسلوباً جديداً في التقويم ومحاولة تحسين السلوك والتعليم على كيفية التعامل مع الفرد والمجتمع، من خلال وضع اللوحات في أروقة المدرسة وعلى أسوارها، التي تتضمّن عبارات تعليمية وإرشادية ضمن الأنشطة المدرسية المختلفة». إلا أن آخرين لمسوا في اللوحة «رسائل خفية، غالباً ليست إيجابية».
ورصدت «الحياة» قيام مدارس عدة، ومن مختلف المراحل الدراسية، بتعليق لوحات على سورها الأمامي، ما أزعج أهالي الأحياء التي توجد فيها المدارس. بعد ما قامت بـ «ربط» رجولة الرجل بشكلٍ مباشر من خلال ما ترتديه عائلته أو أهله من ضمنها «العباءة»، لافتة إلى أن تلك من الحقائق التي لا يمكن إنكارها في هذا الزمن، مطالبة بمحاولة ستر الرجل لأهله أمام الناس كي يستطيع سترهم في بيته، الأمر الذي تسبب في تذمّرهم وانزعاجهم.
واعتبرت وزارة التربية والتعليم في تصريحات لغير مسؤول فيها، أن من «أهم أسباب انتشار الفكر المتشدد، إعطاء أصحابه فرصة في التعليم والمجالات الأخرى». وذكروا: «إن كان مجال التعليم بأكمله لهم، ولم يكن هناك مجال للفكر السعودي المعتدل ومنهج الاعتدال»، مؤكدين على «منهج الاعتدال السعودي». فيما تساءل الأهالي حول سبب وجود مثل هذه اللوحات التي تمثّل «فكراً مصدره مجهول، ولا يعرف صاحب هذه المقولة بعد».
وغرّد ماجد الضويان عبر حسابه في «تويتر»، بأنه «ليس من حقّ أحد إصدار مثل هذا النوع من الأحكام مطلقاً»، موضحاً أنه «من نحن لنحكم على الناس، وعلى رجولتهم فقط من خلال عباءة»، مؤكداً أن «العبرة بالمخابر لا بالمظاهر»، مطالباً بـ «الانشغال على الذوات وإصلاحها من باب «أن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام». فيما أشار المغرد أسامة الحربي إلى أنه «لا رجولة الرجل ولا عباءة أهله ستكون معه يوم الحساب». وقال: «إن التفكير السلبي غالباً ما يطغى على المتزمتين».
وتناولت أستاذ مساعد قسم التربية وعلم النفس في جامعة الدمام الدكتورة فاطمة العلي، الموضوع من جوانب عدّة، مسلّطة الضوء على ضرورة «تعليق اللوحات الإرشادية خارج فصول الطلبة منعاً لتشتيت الانتباه»، موضحة أنه من «الأفضل الاكتفاء بوجودها على أروقة وأسوار المدارس». وقالت العلي لـ «الحياة»: «أعترض على موضوع وجود اللوحات داخل الفصول»، مطالبة بتعليم الطلاب ما يتم تدوينه على هذه اللوحات من دون تركهم يقرؤونها بأنفسهم»، موضحة أن ذلك «يجبرهم على الانشغال والانتباه لما في داخل اللوحة».
وطالبت أستاذ مساعد قسم التربية وعلم النفس، بالحرص على «اختيار أشكال معيّنة لهذه اللوحات، على أن تكون «جاذبة» وبألوان ومعلومات مبسّطة تناسب الفئة العمرية ومدى الاستيعاب الذهني لها، وعلى أن تكون الصياغة واضحة ومتدنّية لدرجة الفهم لديها، إضافة إلى تغييرها بين فترة وأخرى بحسب الأنشطة المتجددة»، مؤكدة أن بعض اللوحات تصنّف «تعزيزاً» لشعور الطفل، ودافعة لاستمراره في الدراسة والاهتمام بالمذاكرة، وترتيب الدروس أولاً بأول، والاجتهاد لمنافسة أصدقائه في الفصل لكسب أعلى الدرجات».
وانتقدت الدكتورة فاطمة العلي «غياب الجهات الرقابية التي تتابع وبشكل دوري». وتحمل مسؤولية فسح أو نشر هذه اللوحات التعليمية من دون الاطلاع على ما يدوّن فيها، لافتة إلى أنه لم يصادف اطلاعها على مثل هذه العبارات التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأثارت جدلاً واسعاً، وتفيد بالتعرّف على رجولة الرجل من عباءة أهله، الأمر الذي يعتبر خاطئاً، ولا أساس له من الصحة، موضحة أنه من الصعب الحكم على جزء من المدارس التي قامت بوضع هذه اللوحة.
العصيمي: لا أملك الإجابة
ألمحت وزارة التربية والتعليم إلى علمها بوجود اللوحات التعليمية والإرشادية التي انتشرت على أسوار مدارس البنات أخيراً، وتعرّف بـ «رجولة الرجل من عباءة أهله»، الأمر الذي يعتبر طبيعياً، ولم تصدر في حقه تعاميم أو تم عمل إجراءات حياله، وذلك بعد رفضها «التعليق» على الموضوع بشكلٍ أو بآخر، وعدم إيضاح الجهة المسؤولة عن اعتماد وضع اللوحات على أسوار أو داخل أروقة المدارس في المناسبات التي تقام فيها أو مختلف الأنشطة المدرسية المعتمدة لديها.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم مبارك العصيمي في تصريحٍ إلى «الحياة»: «إن مثل هذه اللوحات تعود مسؤوليتها إلى قسم التوجيه والإرشاد، إذ إن الحِكَم والأحاديث والشعر جزء من أنشطة المدرسة يتم تعليقها في أروقة أو أسوار المدرسة، أو أي مكان مناسب وهي اجتهادات من النشاط أو مدير المدرسة»، رافضاً التعليق على استفسارات «الحياة» في شأن اتفاق الوزارة أو اختلافها مع انتشار هذه اللوحات في مدارس البنات، مفضلاً أن تكون الإجابة من القسم المختصّ وقال : «لا أملك إجابة»!
«اختصاصي»: معيار العباءة غير محدد!
أكّد المدرب المهتم في الأسرة والتربية يوسف الدهمشي، «انتشار» اللوحات التي تعرّف رجولة الرجل من خلال عباءة أهله في عدد من مدارس البنات، ما يجعلها «بارزة ومجدية»، موضحاً أن «غالبية اللوحات الإرشادية تخاطب نمطاً عقلياً واحداً»، أسماه بـ «المشكلة»، مشبهاً إياها بـ «لوحات حوادث المرور».
وقال الدهمشي لـ «الحياة»: «لا يشترط أن تكون هذه العبارة صحيحة مئة في المئة»، إذ إنها في مجملها جيدة»، لافتاً إلى أن ذلك «رُبما يتسبب في تعنيف للأهل، لعدم وجود معيار لقيمة العباءة الساترة في أعين الأطفال». وذكر أن هناك «جوانب سلبية عدة لهذه اللوحات، ومنها رؤية قارئها أنها «طعن في رجولته»، مشيراً إلى أن هذه العبارة التي تحملها اللوحات «فضفاضة» ولا تملك معايير لنوعية العباءة التي توصل إلى الرجولة المطلوبة تحديداً، لذا لا بد من وجود معايير حين مخاطبة العقول»، مؤكداً أن «البعض يرى أن عباءة الكتف دينية وشرعية بعكس الغير».

الحياة