ماذا تصنع هيئة مكافحة الفساد في المدارس؟

وزارة التربية والتعليم دعت كافة مديري ومديرات المدارس في مختلف المناطق والمحافظات إلى التعاون مع منسوبي الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» وتمكينهم من أداء مهامهم المكلفين بها وتزويدهم بما يطلبونه من وثائق وأوراق.وقد لا يكون من المهم أن نعرف ما إذا كانت هذه الدعوة مبادرة من وزارة التربية أو استجابة لطلب من هيئة مكافحة الفساد، غير أنه من المهم أن نعرف ما الذي يمكن أن تجده الهيئة من مظاهر الفساد وعلاماته في المدارس، فإن كان الأمر متعلقا بالعملية التعليمية والتربوية فإن ما عجز خبراء التربية عن اكتشافه لن تتمكن هيئة الفساد من كشفه، وإن كان الأمر متعلقا بالمسائل المالية فإن وزارة التربية تعرف أجهزتها المسؤولة عن المسائل المالية وإرساء المشاريع والتحكم في حركة نقل المعلمين والمعلمات والتي قد تكون مظنة للفساد وأولى بمتابعة وتحقيق هيئة مكافحة الفساد من مدارس البنين والبنات.وقد لا تخرج المسألة عن أن تكون مجرد اجتهاد أرادت وزارة التربية والتعليم من ورائه إظهار حماسها لعمل الهيئة وحرصها على التعاون معها، وهو حماس مبالغ فيه مفرغ من معناه إلا إذا كانت وزارة التربية لا تعرف أن أمام هيئة مكافحة الفساد أجهزة ومؤسسات كبيرة وكثيرة بحاجة إلى جهد الهيئة كاملا لتنقيتها من الفساد ليس بينها، في الوقت الراهن على الأقل، مدارس البنين والبنات في المناطق والمحافظات.هذه الدعوة لا تخرج عن إشغال الهيئة بهوامش وتفاصيل ثانوية عن لب عملها وجوهره، وهي تذكر بجردات القوائم المالية للحسابات الختامية التي تذكر المبلغ بالملايين والآلاف والمئات والعشرات والريالات ثم تضيف (وخمس عشرة هللة) وليس ذكر هذه الهللات تأكيدا على الحرص وإظهارا للدقة بقدر ما هو محاولة للتعمية على كل من يحاول مراجعة تلك القوائم وإرباك لعمله وحمل له على التسليم بما جاء فيها.إن الخطر الحقيقي على هيئة مكافحة الفساد يتمثل في انشغالها أو إشغالها بمثل هذه التقاصيل أو كسب رضاها وودها والسلامة منها بمثل هذا الحماس عن أن تنهض بدورها الذي لا يزال المواطن ينتظره رغم الفترة التي مرت من عمر الهيئة والصلاحيات التي منحت لها.

سعيد السريحي